توماس إديسون: حياة مُلهمة وإرث دائم
يُعَدّ توماس ألفا إديسون (1847-1931) واحدًا من أبرز المخترعين ورجال الأعمال في التاريخ، حيث ساهمت ابتكاراته في تشكيل العالم الحديث. امتلك إديسون 1,093 براءة اختراع، وشملت إبداعاته مجالات متعددة مثل توليد الطاقة الكهربائية، والاتصالات، وتسجيل الصوت، والسينما.
النشأة والتعليم
وُلِد إديسون في 11 فبراير 1847 في ميلان، أوهايو، وكان الأصغر بين سبعة أطفال. في سن السابعة، انتقلت عائلته إلى بورت هورون، ميشيغان. لم يتلقَّ إديسون تعليمًا رسميًا إلا لمدة قصيرة؛ حيث التحق بالمدرسة لبضعة أشهر فقط. تولت والدته، التي كانت معلمة سابقة، تعليمه في المنزل، مما سمح له بتطوير شغفه بالقراءة والتعلم الذاتي. منذ صغره، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالتجارب العلمية والأجهزة الميكانيكية.
بداياته المهنية
بدأ إديسون مسيرته المهنية كبائع صحف وحلوى في القطارات بين بورت هورون وديترويت. خلال هذه الفترة، أنشأ مختبرًا صغيرًا في عربة الأمتعة لإجراء تجاربه الكيميائية. في سن الخامسة عشرة، عمل كمشغل تلغراف، مما أتاح له فرصة التعرف على التكنولوجيا الحديثة آنذاك وتطوير مهاراته في هذا المجال.
الاختراعات والإنجازات البارزة
الفونوغراف (1877):
يُعَدّ الفونوغراف أول جهاز قادر على تسجيل وإعادة تشغيل الصوت. جاءت فكرة الجهاز لإديسون أثناء عمله على تحسينات في التلغراف والهاتف. استخدم الجهاز أسطوانة مغطاة بالقصدير وإبرة لتسجيل الاهتزازات الصوتية. عندما تحدث إديسون في الجهاز قائلاً: “ماري كان لديها حمل صغير”، فوجئ بأن الجهاز أعاد تشغيل العبارة بوضوح.
المصباح الكهربائي المتوهج (1879):
على الرغم من أن فكرة المصباح الكهربائي كانت موجودة قبله، إلا أن إديسون نجح في تطوير أول مصباح عملي وذي عمر طويل باستخدام فتيلة من الكربون. استمرت تجاربه حتى توصل إلى مصباح يمكنه العمل لعدة ساعات، مما جعله مناسبًا للاستخدام المنزلي والتجاري.
كاميرا الصور المتحركة (الكينتوسكوب) (1891):
ابتكر إديسون جهاز الكينتوسكوب لعرض الصور المتحركة، مما مهد الطريق لصناعة السينما الحديثة. كان الجهاز يسمح لشخص واحد بمشاهدة فيلم قصير من خلال النظر في عدسة.
البطارية القلوية (1901):
طوّر إديسون بطارية قلوية تعتمد على النيكل والحديد، والتي كانت تستخدم في السيارات الكهربائية والتطبيقات الصناعية. تميزت هذه البطاريات بعمر أطول وكفاءة أعلى مقارنة بالبطاريات السابقة.
حرب التيارات
في أواخر القرن التاسع عشر، اندلعت منافسة بين إديسون، الذي دعم التيار المباشر (DC)، ونيكولا تسلا وجورج وستنجهاوس، اللذين دعما التيار المتردد (AC). جادل إديسون بأن التيار المباشر أكثر أمانًا، بينما رأى تسلا ووستنجهاوس أن التيار المتردد أكثر كفاءة لنقل الكهرباء لمسافات طويلة. في النهاية، أثبت التيار المتردد فعاليته وتبنى كمعيار لتوزيع الكهرباء.
تأسيس جنرال إلكتريك
في عام 1889، قام إديسون بدمج عدة شركات كهربائية أسسها سابقًا، بما في ذلك شركة “إديسون لامب” و”إديسون ماشين وركس”، لتشكيل شركة “إديسون جنرال إلكتريك”. في عام 1892، اندمجت هذه الشركة مع شركة “طومسون-هيوستن” لتشكيل شركة “جنرال إلكتريك” (GE)، التي أصبحت واحدة من أكبر الشركات الصناعية في العالم.
إرثه وتأثيره
توفي توماس إديسون في 18 أكتوبر 1931 في ويست أورنج، نيو جيرسي، عن عمر يناهز 84 عامًا. ترك وراءه إرثًا هائلًا من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ وساهمت في تشكيل العالم الحديث. تُعتبر مقولته الشهيرة: “العبقرية هي 1٪ إلهام و99٪ جهد” تجسيدًا لفلسفته في العمل والابتكار.